4- جدول تنظيم الوقت من ضروريات كل باحث

- كما اعتدت في الدروس السابقة سأورد قصة قصيرة في المقدمة قبل أن أدخل في تفاصيل الموضوع حتى يسهل وصول الأهداف والغايات المستهدفة. استيقظت ذات صباح من أيام الدكتوراه الروتينية، بدأت صباحي بالأشغال اليومية التي ألف عقلي الباطن ترديدها يوميا من صلاة وأذكار وورد صباحي ثم اتخذت قدماي نمط الهرولة اعلانا عن بداية الاشغال اليومية متوجها للجامعة كعادتي. في طريقي للجامعة كنت أفكر في خطتي التي سأعتمدها اليوم فقد كنت أتخذ مبدأ أحيني اليوم وأقتلني غدوا شعارا مقدسا في حياتي. خطواتي المتباعدة وانا أهرول نحو الجامعة كعداء يجري وراء لقب عالمي أو وسام شرفي دائما ما تدخلني في حالة صفاء ذهني من التفكير والتركيز، بين سلسلة الأفكار التي مرت على ذهني حينها تذكرت أن موعد لقائي مع الأستاذة المشرفة سيكون بعد يومين وأنا لم أقم بعد بأي من الأشغال التي اتفقنا عليها، فقد كنت شخصا ملتزما بكلمته وأبغض كل البغض الملتفين حول وعودهم مهما كانت ظروفهم. مشكلتي الحقيقية تكمن في ذاكرتي الضعيفة فقد كنت أعدها أكبر صديق خائن في حياتي، لم تكن تساعدني حتى على تذكر وجبة العشاء لليوم الفائت، ناهيك عن تذكر خطة أسبوعية أقسمها حسب الأيام أو الساعات لأنفذها بحذافيرها. المهم، استلهمت خطة في رأسي بأن أبدأ في العمل الذي اتفقت فيه مع المشرفة اليوم فور وصولي لقاعة الدكاترة بجامعة باب الزوار التي ألفت العمل فيها هروبا من مدرستي. لم أكد أنتهي من حلمي الأول الذي كان يبدوا ناجحا نوعا ما حتى رن هاتفي الذي أعتبره ثاني صديق الخائن الثاني بعد ذاكرتي، إنه صديقي س الذي لا أجيبه حتى أمرر كل أحداث الأسبوع في ذهني، إنه صديق حساس جدا وقد يتصل ليحاسبك على موقف عابر ربما مر عليه عام أو إثنين، مر شريط ذكرياتي الأسبوعي في لحظة توقف فيها الزمن لثانية، لا أتذكر أني أخطأت في حقه أبدا رغم أني كثير الخطأ. أجبته بحرارتي المعتادة ليذكرني بوعدي إياه حتى أساعده في عمل مهم. يا الله كيف نسيت هذا الأمر تماما وغاب عن عقلي أن هذا اليوم تركته لصديقي س وقد كان وعدا ألقيته على عجالة دون وعي مني، حيث باغتني كعادته قبل حتى أن يسأل عن أحوالي ماذا ستفعل في يوم الثلاثاء القادم فكرت قليلا ولم تكون لي إجابة منطقية لكوني لا أتذكر حقا أشغالي فأنا شخص عفوي وربما أثرت عفويتي في معاملاتي أيضا، فلم أكن حينها منظما، فأجبت والريب يعلو صوتي لا شيء ليحجز هذا اليوم في سلسلة مواعيده. بدلت وجهتي نحو منزل صديقي س على مضض وأنا أفكر في خطة تخرجني من الحرج الذي سألاقيه أمام الأستاذة، وحتى وإن كنت سأقوم بعملي في يوم الرعد كعادتي سيكون غير متقن (خدمة عرب كما نقول في دارجتنا للأسف). وبينما وانا في طريقي لمنزل صديقي س يرن هاتفي مرة أخرى لأجده صديقي المقرب ب الذي ذكرني بدوره بعرس صديقنا القديم أين سيتم في ولاية بعيدة عن الجزائر العاصمة يوم الخميس القادم أي يوم لقائي بالأستاذة المشرفة فقد غاب هذا الامر عن ذهني بتاتا ونسيته كعادتي. وقعت بين خيارين أحلاهما مر، فأنا لا أفوت عادة حفلات الزفاف وخاصة بولايات جديدة لم ازرها من قبل فهي أولا فرصة لالتقاء الأصدقاء القدماء وفرصة للتنزه في مكان جديد واكتشاف معالمه وهندسته، كما أنها مناسبة لا تضيع لمعرفة عادات وتقاليد مجتمعات أخرى فانا من عشاق السفر والتجوال. ما كدت أنتهي من المكالمة حتى تغيرت خطتي بالكامل وأضحيت الان أفكر في مشكلتين جديدتين، أولاها هي وجوب استدانة مال للسفر وثانيها التفكير في خطة للاعتذار من الأستاذة المشرفة، لربما أغيب مباشرة ومن ثم أدعي أنني كنت مريض، لكن من العيب والخزي أن أجعل دكتورة في مرتبة الاستاذية وهي في سن أمي تشقى للجامعة من أجلي وتنتظرني دون أمل الحضور. ماذا يجب علي أن أفعل الأن، كان الكذب هو المفتاح الوحيد للخروج من هذه الازمة، لكن لماذا وصلت لهذه الحالة التي أفكر فيها بالكذب وانا أشد ما أبغض المنافقين والكذابين وخاصة أولئك الذين يلبسونه جلباب الدين، لماذا لم أفكر أثناء لقائي السابق معها أن هذا اليوم الذي اقترحته لي كموعد للقاء قادم هو نفسه عرس صديقي القديم الذي لا يمكن أغيب عنه؟؟ ذاكرتي هي المذنبة لكني لا أستطيع معاقبتها، تدللي يا ذاكرتي وأضحكي على فقد أنقذك مني أنك جزء من جسدي ومعاقبتك تعني معاقبة نفسي البريئة. ما كدت أنتهي من أشغالي في مساعدة صديقي س حتى أعياني التفكير في خطة أجمع فيها كل هذه المجاهيل في معادلة واحدة. وأنا في طريقي للجامعة على الأقل حتى أمضي الفترة المسائية هناك حتى استوقفني جاري في الإقامة الجامعية ليشكوا لي أنه يعاني من مشكلة عويصة بحيث سيلقي بحثه أمام اللجنة بالخميس المقبل وحاسوبه أغمي عليه وقد دلوه علي كوني أتقن بعض الشيء بعض فنون البرمجة ورقية الحواسيب. المشكلة لم تكن جديدة علي لكنها تستهلك من الوقت الكثير، فقبلت مساعدته على مضض أيضا فقد ألمني حاله المسكين وخاصة كون عائلته تجهز حالها للسفر من جنوبنا الكبير لحضور حفل تخرج ابنها الذي يعاني من ضياع كل ملفاته. فأتممت يومي وأنا أجزئ قرصه الصلب لأقسام وهمية بعد أن ربطته بحاسوبي بشيء يدعى الراك لعلي أستعيد منه ما استطعت لأنجح أخيرا في إنقاذ ملفات مناقشته على الأقل. خرجت من غرفته والاحمرار يعلوا وجهي بعد سلسلة الشكر والثناء التي تلقيتها منه وبعد اعتذاري كوني لا أستطيع حضور مناقشته لأسباب كثيرة أنا من نفسي لا يمكنني حل طلاسمها، ذهبت للمطعم الجامعي لتناول وجبة العشاء بعد أن تذكرت بأنه قد فاتتني وجبة الغدار ذاك اليوم لفرط انشغالي، لو أنني صمت لكان خيرا لي. وبينما انا في طريقي للمطعم الجامعي يرن هاتفي اللعين لأجد به رقما جديدا، من يتصل بي في هذا الوقت!!!  أجيب لا اجيب أجيب لا اجيب ... اجبت أخيرا ويا ليتني لم أفعل. ألو مينو أنا صديقك القديم التقينا في فين مكان وكذا ساعة، أه تذكرتك .. أنا في العاصمة امام إقامتك الجامعية ولا مكان لي للمبيت. هذا النوع من الناس الذي يأتيك للإقامة دون موعد مسبق تحسه أحيانا يستغل طيبتك ويعاملك بنية خبيثة. فهو يجعلك أمام خيار واحد هو القبول فقط لا غير، يقول أنا أمام الإقامة في انتظارك ولا يستأذنك في إمكانية المبيت من عدمه، أنا شخصيا لربما أخجل كثيرا من زيارة طالب في الإقامة الجامعية حتى أتصل قبل أسبوع وأحدد موعدا، وبعد أن أتأكد طبعا عن حالة المستقبل وظروفه الدراسية أيام الزيارة كوجود امتحان من عدمه، فضلا عن اتصالي به لأخبره أني امام إقامته لأبيت عنده دون موعد مسبق، وخاصة إذا كان شخصا غريبا التقيته مرة واحدة في حياتي. من حظ هذا المتصل أننا تربينا في مجتمع يكرم ضيفه ولولا هذه الصفة التي تربينا عليها لأغلقت الهاتف في وجهه وتركته على الوضع الصامت. خرجت للالتقاء بهذا الصديق القديم وما كدنا ندخل للإقامة حتى قابلنا 4 من رجال الامن والشرر يخرج من عيونهم. من هذا الشخص بجانبك؟، أجبت وحدسي لا يبشر بخير، هذا ضيفي وهذه وثائقه، أجاب أضخمهم جثة أوقفنا استقبال الضيوف في الإقامة بعد أن جاءنا أمر من المسؤول. لينتهي يومي بمعركة كلامية مع رجال الأمن. في أي معركة احتدمت مع رجال الامن ستكون خاسرا في كل الحالات، حتى وإن نجحت في تحقيق مرادك فإن مستواك كطالب دكتوراه سينزل للحظيظ. لم تنهي المصائب عند هذا الحد، بل وقد تفطنت فيما بعد أن هذا اليوم هو أخر أجل لبعث ملخصات إحدى الملتقيات الدولية التي كنت راغبا في المشاركة فيها. ورغم أن يومي انتهى بمعركة حامية بعد أن خسرت برنامجي المؤقت وضاعت مني حتى وجبة الغداء، إلا أنني حقا لم أحقق شيئا يذكر، ضاع يومي وضاع برنامجي وضاع الملتقى ولم أتحرك نحو هدفي قيد أنملة. هكذا كان يومي وهكذا تقريبا تمضي معظم أيامي كغيري من الشعب الجزائري في غيبوبة الضياع والتشتت، تضيع أشغالي وأعمالي التي ينبغي أن أنفذها بإتقان حسب تعاليم رسولنا الكريم (من عمل منكم عملا فليتقنه)، تضيع إما في وعود تثقل كاهلي إنجازها أو عندما أدخل في أهداف غيري وأنفذها دون وعي مني. ولم أدرك أن هذا الأمر قطعا يعد مشكلة يعاني منها الجميع إلا بعد خروجي نحو أوروبا واحتكاكي بالباحثين أين انفتح قلبي قبل عقلي لكثير من الأمور التي كنت أجهلها لما كنت متقوقعا في حلزونة المجتمع الجزائري.
- أول من تأثرت بهم كان مشرفي رومانيا ألكس، فقد كان منظما ومنضبطا إلى أبعد الحدود، حتى أنه قام بنهرنا وتأديبنا أيما تأديب انا وزميلتي فاطمة في أول يوم لقاء معه بعد ان تأخرنا عن اللقاء قليلا، لم أنسى يومها رسالته عبر الإيمايل وقد بدى جد غاضب، حتى أنه ختمها بقوله "أنتم لستم في إفريقيا أنتم الأن في أوروبا". كلامه في الحقيقة كنت سأعتبره استعراض عضلات وتعاليا علينا فقط لولا أن بعث لي باليوم الموالي برنامجه السنوي وأمرني أن أضيف في الساعات الخالية الأوقات التي تساعدني لبرمجة اللقاء به. تأثرات ببرنامجه كثيرا وعرفت أنه أحد أسرار نجاحه ووصوله إلى هذه المنزلة كأستاذ يملك 111 بحثا بين مقال وملتقى، كما أنه رئيس تحرير مجلتين عالميتين، ومصحح معتمد عند الكثير من المجلات المرموقة .....


ايمايل وجزء من الجدول لزمني للأستاذ ألكس 

- فيما بعد عند عودتي للجزائر فكرت في تصميم جدولا لتنظيم الوقت احاكيه من جدول الأستاذ ألكس، فقد رأيت في فكرته حلا لكثير من المعضلات التي واجهتني من قبل، حيث أوردت بعضها في مقدمة الموضوع. وانتقلت للعم قوقل مرة أخرى أبحث عن بعض الحلول المنشورة في هذه النقطة.
- من أكثر الحلول المنتشرة في العم قوقل هي المفكرة، حيث تقوم هذه الأخيرة على تنظيم الاحداث والأفكار في مفكرة زمنية حسب التاريخ والشهر. في بادئ الامر حاولت تطبيق عدة برامج وتطبيقات المفكرة فقد رأيت أنها ربما تكون نافعة بشكلها الحالي دون الحاجة لأتعب نفسي لتصميم جدول جديد قد يأخذ مني وقتا في تنظيم أيامه وتواريخه، فقد كنت كسولا رغم إعجابي بفكرة الأستاذ ألكس. مشكلتنا نحن بني البشر أننا نحب الأشياء الجاهزة ولا نحبذ أن نتعب ونجتهد للحصول على مرادنا. المشكلة الوحيدة التي اكتشفتها أثناء استخدام تلك التطبيقات في كونها تهمل جانب الوقت اليومي. قد تكون مفيدة في توزيع الأفكار والبرامج خلال أيام الشهر وهذا شيء إيجابي، لكن تبقى المشكلة مطروحة في المهام المنتشرة في اليوم الواحد كيف يمكننا تنظيمها أيضا حسب الساعات اليومية وخاصة المهام المتكررة، هنا تكمن نقطة ضعف المفكرة.
- بعد محاولات عديدة من عدة برامج حاسوب أو تطبيقات بلاي ستور اكتشفت خلالها ان جميعها ناقص، وكل منها به سلبيات تحول عن مستوى طموحاتي، ولا يوجد برنامج مثالي يحل جميع مشاكلي. فقررت أخيرا أن أصنع جدولا سنويا يحاكي جدول الأستاذ ألكس. في الصورة التالية أضع جزءا من جدول تنظيم الوقت الذي قمت بتصميمه.
جزء من الجدول الزمني السنوي الذي قمت بتصميمه

- قمت بتقسيم العام إلى مجموعة من الأسابيع كما يتضح ذلك في الجانب الأيسر للصورة. وكل أسبوع أمثله بجدول يحوي على كل أيام الأسبوع، وكل يوم أقسمه إلى 8 أقسام حيث يمثل كل قسم ساعتين من اليوم. العمود الأول المكتوب فيه (reste a vérfier)  إما للأعمال التي لا تأخذ وقتا كبيرا (كاتصال هاتفي فقط) أو لأعمال يجب أن أدمجها فيما بعد داخل الجدول الزمني وأربطها بوقت محددا لتنفيذها. بهذه الطريقة أتجنب العشوائية والفوضى الذهنية التي كنت أعيشها، كما أتجنب الدخول في خطط غيري وأصبحت لا أعطي أي وعد مهما كان حتى أعود لجدولي وأتأكد أن الساعة التي سأعطي فيها وعدا خاوية من أي شيء.
- أول شيء يجب مراعاته هو المهام الروتينية المتكررة في كل أسبوع والتي يجب أن يبدأ بها كل شخص وخاصة من يحملون مسؤولية عائلية ستكون هذه المهمة صعبة نوعا ما. مثلا بالنسبة للطالبات المتزوجات ربما عليهن وضع أشياء مثل تجهيز الفطور، تدريس الأولاد، الجلوس مع العائلة، وأهم شيء برمجي أوقات مساعدة أبنائك في الدراسة حتى لا تندمين مستقبلا لتبدئي بإلقاء اللوم على النظام الغبريتي للتغطية على تقصيراك ^^، وكذلك أوقات ممارسة هواياتك مهم أيضا .. وكل ذلك هي من حق نفسك وزوجك وأهلك عليك قبل أي خطة علمية قد يمكن القيام بها. كذلك بالنسبة للرجال المتزوجين عليكم الكثير من الواجبات مثل العمل، وربما تنظيم نزهة أسبوعية أو شهرية مع العائلة أو أخذ ابنك أو زوجتك للطبيب، عليك أولا أن تبدأ بهذه المهام. الدكتوراه مسؤولية شاقة لكن عائلتك أيضا مسؤولية يجب ألا تفرط فيها. بالنسبة للمثال الذي وضعته قد يبدو جدولي فارغا من هذه الأمور نظرا لكوني أعزبا ومرتاح البال من هذه المسؤوليات حاليا. بعد الانتهاء من المهام الروتينية وخاصة المسؤوليات العائلية كما وسبق الذكر يجب الانتقال الى المهام الشخصية والعلمية والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مثل الملتقيات، الندوات، الدروس، العمل، التدريبات ......
- صحيح قد تضيع وقتا طويلا في صنع هذا الجدول والمداومة عليه، أنا شخصيا قد يأخذ مني ساعتين أسبوعيا لتنظيمه وتحليله وإعادة هيكلته. لكني فيما بعد أحسست بقيمة الوقت حقا، فكل دقيقة أضعها في التخطيط تكسبني 10 دقائق في التنفيذ. يجب علي كل أسبوع أن أضع أولا علامة ناقص بجانب الأسبوع الذي مضى ليسهل على تحديد الأسبوع الحالي دون إضاعة الوقت، في نفس الوقت ألون المهام التي استطعت تنفيذها بالأزرق والتي فشلت فيها بالأحمر ثم أحسب نسبة نجاحي والتي كانت 65 بالمائة في هذا الأسبوع الذي شاركته في الصورة السابقة. ومن ثم أنقل المهام التي لم أستطع تنفيذها للأسبوع القادم أو لغيره. هكذا يمكنني التعامل مع كم هائل من المهام وتنفيذها بسهولة حسب جدولها الزمني المناسب لها.
- كذلك لابد للشخص أيضا ألا ينسى حق نفسه من البرنامج، ولنفسك عليك حق :
-العناية الشخصية: اهتمامك بنظافتك وأناقتك، تغيير ملابسك، الاستحمام، أو أي طريقة أخرى تتبعونها لعنايتكم الشخصية.
- العناية الروحانية: القرآن والدعاء والصلوات النافلة.
-الجسدية: الرياضة والتنفّس والاهتمام بالصحة.
-المطالعة أو الهواية: مطالعة كتاب خارج التخصص.
- كذلك يجب تحديد وقت الاستيقاظ ووقت النوم مسبقا. أنا شخصيا في جدولي برمجت وقت الاستيقاظ السابعة صباحا والنوم الحادية عشر ليلا (وأحيانا يغلبني النوم وأخالف البرنامج هههه).
- كذلك لا تنسى مساعدة غيرك على قدر إمكانياتك، هذا الجدول غير مخصص لنفسك وعائلتك فقط بل لمساعدة الأخرين أيضا، ولا تنسى أن خير الناس في ديننا أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم، تقضي عنه كربة أو دينا. صحيح يمكنني أن أبصم بالعشرة أنه من الصعب في مجتمعنا العيش بنظام وانضباط، فقد جلب لي هذا الجدول الكثير من المشاكل وكان من الصعب علي أن أفرض نفسي المنظمة الجديدة عوضا عن نفسي القديمة الفوضوية، وهذه مشكلة يتحملها المجتمع ولا نتحملها نحن. مشكلة الشعب الجزائري أن أغلبيته يتصل بك في الوقت بدل الضائع وينتظر منك مساعدة عاجلة كأن لسان حاله يقول دع كل ما عندك الان وتعال إلي لتساعدني، فلا هو يفهم أنك تسير ببرنامج يومي محكم أو أنك على موعد مع شخص أخر لحل قضية ما. ثقافة المواعيد تقريبا شبه غائبة في مجتمعنا. وحتى بعض المثقفين ألفوا ضرب العشوائية كأن جميع المهام المنفذة تكون لحظية وفوضوية وألفو أن هذا النمط المجتمعي هو لعنة على الجميع أن يحملها، فإذا أشعرته بأنك منظم وتسير على جدول محكم للتحكم في أعمالك ظن بانك تخدعه ولا تريد مساعدته وهي عقدة تسمى في علم النفس "عقدة النقص أو الدونية" وكم من طالب قام بحظر حسابي في الفايسبوك ضنا مني أني لا أريد مساعدته تكبرا أو لعنجهية. وحتى من تضرب له موعدا على العاشرة مثلا يأتيك متأخرا بساعة ويخبرك بأنك في الجزائر وعليك التأقلم مع خلق التأخر عن المواعيد البغيض وقد يأتيك بكثير من الأعذار التي لا يمكنك التأكد من مصداقيتها حتى ولو كنت محققا دوليا، الشعب الجزائري يمتلك شهادة دكتوراه فخرية في اختلاق الأعذار. ولما تخبره بأنك على موعد مع شخص اخر على الساعة الحادية عشر مثلا احمر وجهه واغرورقت عينيه وأسمعك لكثير من عبارات تدل على حاجته للمساعدة ولكن إياك أن تخلف وعدك التالي، يمكنك أن تحدد له موعدا في يوم أخر وتنصحه بان يكون منضبطا في المرة القادمة لكن لا تخلف وعدك مع من اتفقت معه على الساعة الحادية عشر. ستسمع الكثير من الكلمات السلبية والمحطمة في مجتمعنا، لكن اجعل شخصيتك من حديد ولا تتأثر بأي شخص مهما كانت منزلته، إذا عرفت نفسك فلا يضرك ما قيل فيك.
- كذلك يجب مراعات جانب النفس (بفتح الفاء) في إعداد الخطة. هناك من يملك نفس طويل في تنفيذ المهام ولا يتعب إلا بعد مدة طويلة، وهناك الضعيف الذي لا يجرئ على العمل ل 3 ساعات متتالية الا وقد أنهكه العمل، رحم الله من عرف قدر نفسه، إذا كنت من النوع الثاني اجعل لنفسك فترات راحة بين المهمة.
- الكثير من الأفكار الجديدة والرائعة عادة ما تأتي بغتة على حين غرة، هذه إحدى طبائع العقل الباطن اللئيم، إهمال هذه الأفكار قد يؤدي قطعا إلى نسيانها في المستقبل وإضاعة لخير كثير. لذا على الطالب أن يكتب هذه الأفكار في كناشة خارجية، أو كما أفعل حاليا يربط هذا الجدول ببرنامج مثل دروبوكس حتى يتسنى له فتحه بالهاتف أو الحاسوب في أي مكان، ومهما كانت الظروف سواء أثناء السفر أو العمل ليقوم بإضافة الأفكار او المشاريع الجديدة أو رؤية الاعمال اليومية لتصفحها أو تعديلها.
- كما أنصح أيضا الطلبة الذين يقابلون كثيرا شاشة الحاسوب (أنا واثق بأن أغلب قارئي الموضوع يعانون من هذه المشكلة) بأن يحملوا أحد البرامج الهامة المختصة في تقسيم وقت العمل لإراحة الطالب. البرنامج سهل للغاية، فهو يعمل على غلق شاشة الحاسوب لخمس دقائق كل ساعة (حسب البرمجة الأولية له) وبالتالي يرتاح الطالب ل5 دقائق ليرتفع فيها تركيزه، كما أن استمرار التعرض لأشعة الحاسوب من شأنه أن يضر عين وبشرة المستخدم ويعرضه لأمراض هو في غنى عنها (أتكلم عن تجربة)، لذا من الأفضل أن يرتاح على الأقل 5 دقائق كل ساعة. يمكن تحميل البرنامج من الرابط التالي:

- من الجدير الذكر أيضا أن هذا الجدول لا يعالج مرض التسويف، إنما يعالج طبيعة السبهللة والفوضوية التي تعيشها في حياتك. أما التسويف فهو مرض أخر يجعلك تأجل الأعمال في كل مرة لوقت اخر وقد يكون مرضا نفسيا ينتج فرارا من القلق الذي عادة ما يصاحب بداية المهام أو إكمالها أو ما يصاحب اتخاذ القرار أو لعدم ثقة الشخص في نفسه .... حله أن يواجه الشخص نفسه بسلبياتها وإيجابياتها بأمانة وتجرد محاولا إيجاد حلولا للسلبيات، فلا يغيـر الله ما بقـوم حتى يغيـروا ما بأنفسـهم.
- وأخيرا أختم بنصيحة ذهبية، أنت الأن طالب دكتوراه مقبل على إتمام المذكرة ونشر مقالات علمية عالمية منافسا لكبار العلماء في الميدان، وربما في يوم ما ستتغلب عليهم وتصير سيدا في ميدانك يشار اليه بالبنان ولا تجد وقت فراغ في مفكرتك. لا يجدر بك ان تعيش حياتك سبهللا مثل المهرجين، لا يجدر بك أن تعيش دونا بغير خطة وأهداف قريبة وأخرى بعيدة المدى. ستصير قطعا خادما لخطط غيرك من دون ان تشعر، ولن تستيقظ إلا على أنقاظ حياتك التي ستراها فاشلة ومتأخرة في الوقت بدل الضائع. لذا عليك ان تتخذ القرار من الان يجب تكون منظما ومهيكلا.
- وكهدية مني سأضع لكم جدولا لعام 2019 حسب طريقتي التي وضحتها أنفا، أتمنى أن يعجبكم، كما أتمنى أن توافوني بالكثير من النصائح والإرشادات التي ستطور من عملي المتواضع ^^




تعليقات

  1. ف انتظار المقالة جزاك الله الخير

    ردحذف
  2. شكرا، مشكلة تنظيم الوقت واردة وخاصة لدى الباحثين في الدكتوراه، فكرة جيدة بالتوفيق

    ردحذف
  3. باركة الله فيك استاذوجزاك الله كل خيرا

    ردحذف
  4. مشكور يا استاذ نحن ننتظر الجديد منذ مدة خصوصا منهجية كتابة المقال وبارك فيك مرة ثانية جعلها الله من ميزان حسناتك يا رب

    ردحذف
  5. جزيل الشّكر، دكتور، جزاك الله كل خير.

    ردحذف

إرسال تعليق